الصلاة ففرضت عليه خمسين صلاة كما تعرفون، فلما عاد أخبر موسى عليه السلام -جزاه الله عن أمة محمد خير الجزاء- فقال: إني جربت بني إسرائيل وإنهم اختلفوا عليَّ وشقَّ عليهم ذلك، وقد أوتوا من الفرائض أقل مما كتب عليك فراجع ربك، فراجع ربه، فوضع عنه شطراً، قيل: الشطر ليس النصف، إنما تقدير محدد وعدد معين، فراجعه مرة ثانية فوضع عنه، فراجعه مرة ثالثة فوضع عنه، حتى أقرها سبحانه وتعالى خمساً، قال: {لا يبدل القول لدي هي خمسون في الأجر وخمس في الفرضية } أو كما قال سبحانه وتعالى، وهو في هذا الحديث، فكل فريضة بعشر فرائض، والحسنة بعشرة أمثالها، وعاد صلى الله عليه وسلم.
لا صلاة مفروضة غير الصلوات الخمس
والسؤال هنا: هل فرض على الأمة شيء غير الصلوات الخمس؟ فالوتر هل هو فريضة أو واجب؟ وسنة الضحى، وتحية المسجد، والصلوات الطارئة كالعيدين، والكسوف، والخسوف، وغيرها مما ورد في السنة.
الصحيح أن ما فرض عليه صلى الله عليه وسلم إنما هي خمس صلوات، ولذلك ما سوى هذه إما سنة مؤكدة، وإما سنة وإما مندوبٌ يُعمل بها من باب النفل المطلق الذي يتنفل به الإنسان ليتزود به الحسنات عند الله.فالصلوات الخمس هي المفروضة في الكتاب والسنة، قال ابن عباس رضي الله عنه: [[أنا أستخرج الصلوات الخمس من القرآن ]] ولا يغوص عليها إلا غواص -يقول عن نفسه- قال في قوله سبحانه وتعالى: فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ [الروم:17-18] فذكر الله عز وجل صلاة الفجر في القرآن، وصلاة الظهر، والعصر على قول من يرى أن القسم في سورة العصر يقصد به الفريضة لا الدهر.وقد أتى رجل من أهل نجد ليؤكد أنه لم يفرض على الرسول صلى الله عليه وسلم إلا خمس صلوات، كما في حديث طلحة بن عبيد الله يقول: {كنا جلوساً مع الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد، فأقبل رجلٌ من أهل نجد ثائر الرأس، نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول -يعني: يتمتم في الكلام- فدنا من الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا هو يسأل عن الصلاة، فقال له صلى الله عليه وسلم: خمس صلواتٍ في اليوم والليلة، قال: هل عليَّ غيرها؟ قال: لا.
إلا أن تطوع } فليس غيرها بواجب إذن.
صلاة الوتر سنة مؤكدة
أما الذين قالوا: إن الوتر واجب فليس بصحيح، بل هو سنة مؤكدة، ما تركه صلى الله عليه وسلم في حضرٍ ولا سفر، وكان إذا ترك الوتر صلى الله عليه وسلم صلاه من النهار شفعاً لا وتراً، وعند أحمد وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة : {أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقضي الوتر كهيئته في النهار } لكن هذا الحديث لا يقاوم حديث مسلم عن عائشة : {كان صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان ولا في غير رمضان على إحدى عشر ركعة، فإذا فاته الوتر من الليل صلى من النهار ثنتي عشر ركعة } فدل ذلك على أن الوتر لا يقضى على هيئته وتراً، وإنما يقضى شفعاً، من كان وتره ثلاثاً فليصل أربعاً، ومن كان وتره خمساً فليصل ست ركعات هذا هديه صلى الله عليه وسلم في الوتر، أما ركعتا الفجر فما تركها لا في سفر ولا حضر، فالنوافل كلها تترك في السفر إلا الوتر وركعتي الفجر، ولك أن تصلي الضحى في السفر.والأحناف ذهبوا إلى أن الوتر واجب، ولكنه ليس بواجب للأدلة هذه ولأنه خالف الفريضة في أحكامه، فإنه يجوز أن يوتر المسلم على الدابة وفي السيارة ولا يجوز أن يصلي الفريضة كذلك إلا للضرورة، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أوتر على دابته، وأوتر الصحابة، فلو كان الوتر فريضة لما أوتروا على دوابهم، ولنزلوا وصلوا على الأرض.هذه هي الصلوات الخمس التي فرضت عليه صلى الله عليه وسلم، أما في السفر فركعتان كما قال عمر رضي الله عنه: {صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر، على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم } هذه هي الصلوات الخمس التي فرضت عليه صلى الله عليه وسلم.وكان من هديه صلى الله عليه وسلم كما يقول ابن القيم : أن يصلي في اليوم والليلة أربعين ركعة، ما بين فريضة ونافلة، قال ابن القيم : ومن قرع الباب كل يوم أربعين مرةً فيوشك أن يفتح له، فكان عليه الصلاة والسلام يصلي أربعين ركعة ما بين الفريضة والنافلة، منها إحدى عشرة ركعة وتراً، ومنها اثنا عشرة ركعة سنناً رواتب، ومنها الفريضة سبع عشرة ركعة، هي في زاد المعاد ، هديه صلى الله عليه وسلم في الصلاة.
حكم صلاة الضحى
أما الضحى فالصحيح أنها سنة مطلقة، للإنسان أن يصليها كما يشاء، ركعتين وأربعاً، وستاً، وثمانياً، ويزيد ما شاء الله، فالرسول صلى الله عليه وسلم أوصى أبا ذر وأبا هريرة في الصحيح أن يصلوا ركعتين، قال أبو ذر وقال أبو هريرة والحديث لـأبي هريرة في المسند وفي صحيح مسلم : {أوصاني صلى الله عليه وسلم بثلاث وقال: لا أدعهن حتى أموت: ركعتي الضحى، وصيام ثلاث أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أنام }.
وعند أبي داود في الصحيح: {أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما دخل يوم الفتح صلى ثمان ركعات } قال أهل العلم: هذه صلاة الضحى، فللمسلم أن يصلي ركعتين وأربعاً وستاً وثمانياً، لكن المقصود أن يصلي الإنسان شيئاً ويداوم عليه، فقد ينشط الإنسان أن يصلي في بعض الأيام أربعين ركعة، ثم يفتح الله عليه، ويسهل فيداوم ثلاثة أشهر أو أربعة أو سنة، لأن المقصود بالإسلام هو القصد والمداومة، يقول عليه الصلاة والسلام في الصحيحين من حديث أبي هريرة وحديث أبي ذر : {يصبح على كل سلامى من الناس صدقة؛ فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تهليلة صدقة، ثم قال صلى الله عليه وسلم: ويجزي عن ذلك ركعتان يركعهما أحدكم من الضحى }.وبعض الناس أوجب الضحى، ولكن هذا قولٌ شاذ خالف إجماع الأمة على أن ركعتي الضحى ليست بواجبة، وقائل هذا ما عند أثارة من علم ولا دليل.
حكم تحية المسجد
أما تحية المسجد فالصحيح أنها سنة مؤكدة، وأن المسلم لا يجلس حتى يصلي ركعتين، ولذلك يقول عليه الصلاة والسلام للداخل في الجمعة: {إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين } وقال صلى الله عليه وسلم للداخل لما دخل: {أصليت ركعتين -وهو يخطب بالمسلمين-؟ قال: لا.
قال: قم فصل ركعتين }.
وهل تصلى بعد العصر أو بعد الفجر؟ الصحيح أنها تصلى، وأنها من ذوات الأسباب التي تصلى في مثل هذا الوقت، وبعض الناس من الفقهاء يقولون: لا يُصلى في هذا الوقت، ولكن الصحيح أنها تصلى في مثل هذا الوقت لأنها من ذوات الأسباب.


0 التعليقات to هل فرض على الأمة شيء غير الصلوات الخمس؟ :
إرسال تعليق