شروط وجوب الصلاة أربعة
1) الإسلام: فلا تجب الصلاة على كافر أصلي وجوب مطالبة في الدنيا، ولكن تجب عليه وجوب عقاب في الآخرة. كما يعاقب على ترك الصيام وعلى الزنى وشرب الخمر، لأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة.
2) والبلوغ: فلا تجب الصلاة على الصبي أو الصبية اللذين هما دون البلوغ، ولكن يجب على وليّ الصبيّ والصبية أن يأمرهما بالصلاة إذا بلغا سبع سنين، ويضربهما على تركها إذا بلغا عشرًا، والمراد بالسنة السنة القمرية لا الرومية (الشمسية). ولا يجب عليهما قضاء ما فاتهما إذا بلغا.
3) والعقل: فلا تجب الصلاة على المجنون ولا يجب عليه القضاء.
4) الطهارة من الحيض والنفاس: فلا تجب الصلاة على المرأة الحائض والمرأة النفساء، ولا يجب عليهما القضاء.
شروط صحة الصلاة
1) الإسلام: فالكافر الأصلي لا تصح منه الصلاة، وكذلك المرتد الذي خرج من الإسلام إلى الكفر بمسبة الله أو النبي أو القرءان أو غير ذلك، لا تصح صلاته إلا بعد الرجوع إلى الإسلام بالنطق بالشهادتين.
2) والعقل: فالمجنون لا تصح منه الصلاة، وهو غير مكلف.
3) والتمييز: فالولد غير المميز لا تصح منه الصلاة، فلا يقال لغير المميز صلّ، بل يقال له انظر كيف الصلاة. ويميّز الصبي إذا صار يفهم الخطاب ويردّ الجواب.
4) واستقبال القبلة: أي الكعبة أي جرمها أو ما يحاذي جرمها إلى السماء السابعة أو الأرض السابعة، فلو استقبل ببعض بدنه وبعضُ بدنه خارج عنها لم يكفِ. والمراد بالكعبة القدر القائم الآن الذي كان قائمًا في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد قال حين صلى إليها: "هذه القبلة" متفق عليه. والمراد بالاستقبال أن يستقبل بالصدر في القيام والقعود وبمعظم البدن في الركوع والسجود.
5) ودخول وقت الصلاة: أي أن من شروط صحة الصلاة معرفة دخول الوقت يقينًا كأن يعاين الزوال برؤية زيادة الظل عما كان عليه عند بلوغ الشمس وسط السماء، أو يُعاين تحوله إلى جهة المشرق بعد أن كانت الشمس في وسط السماء، أو ظنًّا باجتهاد بنحو وِرد. فلا يكفي القيام للصلاة والدخول فيها بمجرد التوهم، بل تلك الصلاة فاسدة ولو صادفت الوقت، وما أكثر من يصلي على هذه الحال فهؤلاء لا صلاة لهم عند الله تعالى. فينبغي الاعتناء بالوقت والاهتمام له، فقد روى الطبراني بالإسناد الصحيح المتصل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن خيار عباد الله الذين يراعون الشمس والقمر والأظلة لذكر الله" رواه الطبراني، وفي ذلك أن القمر له دَخلٌ في أمر الوقت، فقد صح في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العشاء لسقوط القمر لثالثةٍ يعني الليلة الثالثة من الشهر القمري، رواه الترمذي.
6) والعلم بفرضيتها: أي أن يعتقد أن هذه الصلاة التي يصليها فرض، فلو كان يتردد فيها أو اعتقد أن الصلاة المفروضة نفل ليست فرضًا لم تنعقد صلاته حتى يعرف أنها فرض فتصح منه.
7) وأن لا يعتقد أن فرضًا من فروضها سنة، أي غير واجب كالركوع والسجود والقراءة للفاتحة وغير ذلك مما هو فرض متفق عليه في مذهب الشافعي.، فإن اعتقد أن قراءة الفاتحة غير واجبة لا تصح صلاته عندهم، أما من اعتقد أن أفعالها أو أقوالها كلها فروض صحت صلات. ومن اعتقد أن بعض أفعالها فرض وبعض أفعالها سنة ولم يقصد بفرض معين أنه سنة فإن صلاته صحيحة سواء في ذلك العامي وغيره.
وستر العورة: ولو كان في ظلمة وخاليًا تأدبًا مع الله تعالى. والستر يحصل بما يستر لون الجلد والشعر، وأمّا ما لا يستر اللون فلا يكفي. ويشترط في هذا الستر أن يكون من الأعلى والجوانب لا من الأسفل فإنه لو صلى الشخص على مكان مرتفع وكانت ترى عورته - فخذه مثلًا - لمن نظر إليه من أسفل لكنها لا ترى من الأعلى والجوانب صحت صلاته.
_ وعورة المرأة الحرة في الصلاة وخارج الصلاة جميع بدنها إلا الوجه والكفين، فوجه المرأة ليس بعورة وكذلك كفَّاها بإجماع أئمة الاجتهاد. فلا يجب على المرأة الحرة ستر وجهها في الطرقات أو بحضور الأجانب ولو في غير الطرقات.
_ وعورة الرجل ما بين السرة والركبة، فليست السرة والركبة عورة إنما العورة ما بينهما، هذا الحكم في مذهب الشافعي رضي الله عنه، فالفخذ عنده من العورة يجب ستره وهذا هو الأحوط.
9) والطهارة عن الحدث: أي الحدث الأصغر والأكبر.
_ والحدث الأصغر يوجب الوضوء فقط كمن لمس امرأة أجنبية بلا حائل أو بال أو تغوط فيكون أحدث حدثًا أصغر يجب عليه الوضوء للصلاة أو لحمل المصحف أو نحو ذلك.
_ والحدث الأكبر يوجب الغسل، كالحيض والنفاس وخروج المني، فيجب على المرأة الغسل بعد انقطاع دم الحيض والنفاس للصلاة وغيرها مما لا يصح إلا بالطهارة عن الحدث الأكبر. وكذلك من خرج منه مني.
10) والطهارة عن النجاسة غير المعفو عنها في:
_ البدن حتى داخل الفم والأنف والعين.
_ والثوب: فإذا أصاب الثوب نجاسة غير معفوّ عنها كالبول فلا تصح الصلاة معها.
_ والمكان الذي يلاقي بدنه: فلا تضرّ المحاذاة بلا مماسة فلو حاذى بصدره نجاسة فإن ذلك لا يضر، فعُلم من ذلك أن من صلى في مكان وبقربه نجاسة لا تمس ثوبه ولا بدنه ولا شيئًا يحمله كرداء فإن صلاته صحيحة.
_ ويشترط أن لا يكون حاملًا للنجاسة كقنينة فيها نجاسة يحملها في جيبه.
مبطلات الصلاة
اعلم أنه يجب على المكلف تعلم ما يفسد الصلاة ويبطلها حتى يجتنبه، فلا يكفي القيام بصور الأعمال كما هو الشأن اليوم باعتبار أحوال كثير من الناس. فأحدهم يذهب إلى الحج من غير أن يتعلم أحكام الحج ويكتفي بأن يقلّد الناس في أعمالهم، أو يفعل صورة الصلاة من غير تعلّم أركانها فيأتي بما يبطل عمله من صلاة وحج من غير أن يدري، وهؤلاء يدخلون تحت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ قائم ليس له من قيامه إلا السهر، ورُبَّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش" رواه ابن حبان.
ويُبطل الصلاة:
1) الكلام أي بما هو من كلام الناس عمدًا مع ذِكرِ أنه في الصلاة من غير أن يكون مغلوبًا أي لا يستطيع ترك ذلك النطق، ولو كان ذلك النطق بحرفين ليس لهما معنى، فلو قال "ءاه" بطلت صلاته كما نصّ على ذلك الفقهاء من شَافعيين وغيرهم، وهذا دليل على أن "ءاه" ليس اسمًا من أسماء الله. وكذلك تبطل الصلاة بالنطق بحرف ممدود كأن يقول: "ءا" أو "إي" أو "أو" فإنه بسبب المد صار حرفين، وفي المذهب وجه بأن مدّ الحرف الواحد لا يُبطل الصلاة كقول "ءا". وكذلك تبطل الصلاة بالنطق بحرف مُفهم كأن يقول: "قِ" بكسر القاف لا يتبعها شىء، وكذلك "عِ" بعين مكسورة، وكذلك "فِ" بكسر الفاء، لأن هذه الحروف الثلاثة كل واحد منها له معنى يُفهم منه، فَقِ يُفهم منه الأمر بالوقاية، وَعِ يفهم منه الأمر بالوعي، وفِ يفهم منه الأمر بالوفاء. فهذا وما أشبهه يبطل الصلاة إن كان عمدًا مع ذكر الشخص أنه في الصلاة وهو عالم بالتحريم أما من كان جاهلًا بحرمة الكلام في الصلاة لكونه ممن أسلم من وقت قريب أو لكونه نشأ في بلدٍ بعيدة عمن يعرف أحكام الشرع فلا تبطل صلاته.
وأما الناسي أنه في الصلاة إذا تكلم بكلام قليل أي ستّ كلمات عرفية فأقل فلا يبطل نطقه هذا صلاته، كأن يقول: اذهب إلى السوق واشترِ لي خُبزًا ثم أحضره لي ثم ضعه في مكان كذا.
:أما التنحنح والضحك والبكاء والأنين والنفخ ففيه حالتان:
أ) أن يظهر فيه حرفان فأكثر فإنه يبطل الصلاة.
ب) أن لا يظهر فيه حروف بالمرة فلا يبطل حينئذ الصلاة. وهناك وجه أن التنحنح لا يبطل الصلاة ولو ظهر فيه حرفان
وخرج بكلام الناس ذكر الله تعالى فإنه لا يبطل الصلاة، ومن ذلك أن يقول إذا رأى الشيطان يهجم عليه: "أعوذ بالله منك"، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أَقبَلَ إليه ذات يوم إبليسُ وبيده شعلة نار لِيُلقيها عليه فقال: "أعوذ بالله منك"، فأعانه الله عليه ومكّنه منه حتى همّ أن يربطه بسارية من سواري المسجد فيراه الناس إذا أصبحوا، ثم تذكّر دعوة سليمان بن داود عليهما السلام: { قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ {35} }[سورة ص] فترك ذلك.
2) وفعل ثلاث حركات متواليات سواء كان بثلاثة أعضاء كحركة يديه ورأسه على التعاقب أو دفعة واحدةً أو ثلاث خطوات، وهذا عند بعض الشافعية. وقال بعضهم: لا يبطل الصلاة من الفعل إلا ما وسع مقدار ركعة من الزمن، وهذا الوجه يجوز العمل به لأنه أوفق للأحاديث التي ورد فيها ما يشعر بأنه صلى الله عليه وسلم تحرك في الصلاة أكثر من ثلاث حركات، كحديث أنه صلى الله عليه وسلم فَتَحَ الباب الذي كان مُقفلًا في جهة القبلة لعائشة رضي الله عنها، ثم استمرّ في صلاته، وهذا حديث صحيح رواه الإمام أحمد في مسنده عن عائشة، فإن الظاهر من فعله صلى الله عليه وسلم أنه حصل منه في ذلك أكثر من ثلاث حركات متواليات، ويبعد حمله على أنه اقتصر على حركتين.
3) والحركة المفرطة: كالوثبة الفاحشة، وكذلك تبطل الصلاة بالحركة الواحدة لو لم تكن مفرطة إذا كانت للَّعب، ولا يفسد الصلاة تحريك الأصابع مع استقرار الكفّ وإن كثر، وكذلك تحريك الجفن أو اللسان أو الأذن، وحلّ زرّ وعقده ولو كثر إن كان الكف قارًّا ما لم يكن للعب.
4) وزيادة ركن فعليّ: كأن زاد ركوعًا أو سجودًا عمدًا.
5) والأكل والشرب إلا إن نسي فإنه لا يبطل إن كان أكلُهُ وشربه قليلًا.
6) ونيَّة قطع الصلاة: أي إن نوى في قلبه أن يقطع الصلاة في الحال فإنها تنقطع، وكذلك إن نوى قطعها بعد مضي ركعة مثلًا بَطَلت صلاته.
_وكذلك تبطل الصلاة بتعليق القطع على شىء كأن قال في نفسه: إن حصل كذا فإني أقطع الصلاة فإنها تبطل حالا.
_ وكذلك تبطل الصلاة بالتردد في قطعها كأن قال: هل أقطعها أم أستمرّ فيها فإنها تبطل.
7) وأن يمضي ركن مع الشك في نية التحرُّمِ أو يطول زمن الشك، أي أن من شك في نية الصلاة هل نوى في التحرم أم لا، أو شك هل نوى ظهرًا أو عصرًا، أي أنه إذا استمر هذا الشك حتى مضى ركن وهو يشك فإن صلاته تبطل، كأن قرأ الفاتحة وهو في هذا الشك فإنها تبطل، أو شك في ذلك ثم رَكَعَ وهو شاك فإنها تبطُل، وكذلك تبطل إذا طال زمن الشك ولو لم يمض معه ركن. وأما إن تذكّر ولم يمضِ مع الشك ركنٌ ولا طال وقته فلا تبطل وذلك بأن يشك فيزول سريعًا
أركان الصلاة
أيها المسلم ! إن الصلاة عبادة عظيمة , تشتمل على أقوال وأفعال مشروعة تتكون منها صفتها الكاملة ; فهي كما يعرفها العلماء : أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم . وهذه الأقوال والأفعال ثلاثة أقسام : أركان , وواجبات , وسنن .
فالأركان : إذا ترك منها شيء , بطلت الصلاة , سواء كان تركه عمدا أو سهوا , أو بطلت الركعة التي تركه منها , وقامت التي تليها مقامها , كما يأتي بيانه .
والواجبات : إذا ترك منها شيء عمدا ; بطلت الصلاة , وإن كان تركه سهوا ; لم تبطل , ويجبره سجود السهو .
والسنن: لا تبطل الصلاة بترك شيء منها لا عمدا ولا سهوا , لكن تنقص هيئة الصلاة بذلك . والنبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة كاملة بجميع أركانها وواجباتها وسننها , وقال : ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) . ..
فأركان الصلاة أربعة عشر : وهي كما يلي :
الركن الأول : القيـام في صلاة الفريضة : قال تعالى : {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ }البقرة238 وفي حديث عمران مرفوعا : (صل قائما , فإن لم تستطع , فقاعدا , فإن لم تستطع ; فعلى جنب) فدلت الآية والحديث على وجوب القيام في الصلاة المفروضة مع القدرة عليه . فإن لم يقدر على القيام لمرض ; صلى على حسب حاله قاعدا أو على جنب , ومثل المريض الخائف والعريان , ومن يحتاج للجلوس أو الاضطجاع لمداواة تتطلب عدم القيام , وكذلك من كان لا يستطيع القيام لقصر سقف فوقه , ولا يستطيع الخروج , ويعذر أيضا بترك القيام من يصلي خلف الإمام الراتب الذي يعجز عن القيام , فإذا صلى قاعدا ; فإن من خلفه يصلون قعودا ; تبعا لإمامهم ; لأنه صلى الله عليه وسلم لما مرض ; صلى قاعدا , وأمر من خلفه بالقعود .
وصلاة النافلة يجوز أن تصلى قياما وقعودا ; فلا يجب القيام فيها ; لثبوت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليها أحيانا جالسا من غير عذر .
الركن الثاني : تكبيرة الإحرام في أولها : لقوله صلى الله عليه وسلم :( ثم استقبل القبلة وكبر )وقوله صلى الله عليه وسلم : ( تحريمها التكبير )ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه افتتح الصلاة بغير التكبير , وصيغتها أن يقول : الله أكبر , لا يجزيه غيرها ; لأن هذا هو الوارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم .
الركن الثالث : قراءة الفاتحة : لحديث : (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)
وقراءتها ركن في كل ركعة , وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرؤها في كل ركعة , وحينما علم صلى الله عليه وسلم المسيء في صلاته كيف يصلي ; أمره بقراءة الفاتحة .
وهل هي واجبة في حق كل مصل , أو يختص وجوبها بالإمام والمنفرد ؟ فيه خلاف بين العلماء , والأحوط أن المأموم يحرص على قراءتها في الصلوات التي لا يجهر فيها الإمام , وفي سكتات الإمام في الصلاة الجهرية .
الركن الرابع : الركوع في كل ركعة : لقوله تعالى : {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ }البقرة43 وقد ثبت الركوع في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ; فهو واجب بالكتاب والسنة والإجماع . وهو في اللغة الانحناء , والركوع المجزئ من القائم هو أن ينحني حتى تبلغ كفاه ركبتيه إذا كان وسط الخلقة ; أي : غير طويل اليدين أو قصيرهما , وقدر ذلك من غير وسط الخلقة , والمجزئ من الركوع في حق الجالس مقابلة وجهه ما وراء ركبتيه من الأرض .
الركن الخامس والسادس : الرفع من الركوع والاعتدال واقفا كحاله قبله : لأنه صلى الله عليه وسلم داوم على فعله , وقال :( صلوا كما رأيتموني أصلي)
الركن السابع : السجود : وهو وضع الجبهة على الأرض , ويكون على الأعضاء السبعة , في كل ركعة مرتين ; لقوله تعالى :{ وَاسْجُدُوا} وللأحاديث الواردة من أمر النبي صلى الله عليه وسلم به , وفعله له , وقوله :) صلوا كما رأيتموني أصلي (فالأعضاء السبعة هي : الجبهة , والأنف , واليدان , والركبتان , وأطراف القدمين ; فلا بد أن يباشر كل واحد من هذه الأعضاء موضع السجود وحسب الإمكان , والسجود أعظم أركان الصلاة , وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ; فأفضل الأحوال حال يكون العبد فيها أقرب إلى الله , وهو السجود .
الركن الثامن : الرفع من السجود والجلوس بين السجدتين : لقول عائشة رضي الله عنها :) كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من السجود ; لم يسجد حتى يستوي قاعدا (رواه مسلم .
الركن التاسع : الطمأنينة في كل الأفعال المذكورة : وهي السكون , وإن قل , وقد دل الكتاب والسنة على أن من لا يطمئن في صلاته ; لا يكون مصليا , ويؤمر بإعادتها .
الركن العاشر والحادي عشر : التشهد الأخير وجلسته : وهو أن يقول : ( التحيات . .. " إلخ " اللهم صل على محمد " ; فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم لازمه , وقال :( صلوا كما رأيتموني أصلي )وقال ابن مسعود رضي الله عنه : كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد ; فقوله : قبل أن يفرض : دليل على فرضه .
الركن الثاني عشر : الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير : بأن يقول : " اللهم صل على محمد ... " وما زاد على ذلك ; فهو سنة .
الركن الثالث عشر : الترتيب بين الأركان : لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليها مرتبة , وقال :) صلوا كما رأيتموني أصلي (وقد علمها للمسيء مرتبة ب ( ثم ) .
الركن الرابع عشر : التسليم : لقوله صلى الله عليه وسلم : (وختامها التسليم) وقوله صلى الله عليه وسلم :) وتحليلها التسليم( فالتسليم وشرع للتحلل من الصلاة ; فهو ختامها وعلامة انتهائها . أيها القارئ الكريم ! من ترك ركنا من هذه الأركان : فإن كان التحريمة ; لم تنعقد صلاته , وإن كان غير التحريمة , وقد تركه عمدا ; بطلت صلاته أيضا , وإن كان تركه سهوا - كركوع أو سجود - , فإن ذكره قبل شروعه في قراءة ركعة أخرى ; فإنه يعود ليأتي به وبما بعده من الركعة التي تركه فيها , وإن ذكره بعد شروعه في قراءة الركعة الأخرى ; ألغيت الركعة التي تركه منها وقامت الركعة التي شرع في قراءتها مقامها , ويسجد للسهو , وإن علم الركن المتروك بعد السلام , فإن كان تشهدا أخيرا أو سلاما ; أتى به , وسجد للسهو وسلم , وإن كان غيرهما - كركوع أو سجود - ; فإنه يأتي بركعة كاملة بدل الركعة التي تركه منها , ويسجد للسهو , ما لم يطل الفصل , فمان طال الفصل , أو انتقض وضوؤه ; أعاد الصلاة كاملة . فما أعظم هذه الصلاة وما تشمل من الأقوال والأفعال الجليلة ! وفق الله الجميع لإقامتها والمحافظة عليها .
صفة الصلاة
بعد أن بينا أركان الصلاة وواجباتها وسننها القولية والفعلية نريد أن نذكر صفة الصلاة المشتملة على تلك الأركان والواجبات والسنن حسبما وردت به النصوص من صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ,
لتكون قدوة للمسلم ; عملا بقوله صلى الله عليه وسلم : (صلوا كما رأيتموني أصلي) وإليك سياق ذلك :
- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة ; استقبل القبلة , ورفع يديه , واستقبل ببطون أصابعها القبلة , وقال : " الله أكبر " .
- ثم يمسك شماله بيمينه , ويضعهما على صدره .
- ثم يستفتح , ولم يكن صلى الله عليه وسلم يداوم على استفتاح واحد ; فكل الاستفتاحات الثابتة عنه يجوز الاستفتاح بها , ومنها ; " سبحانك اللهم وبحمدك , وتبارك اسمك , وتعالى جدك , ولا إله غيرك " .
- ثم يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم , بسم الله الرحمن الرحيم .
- ثم يقرأ فاتحة الكتاب , فإذا ختمها ; قال : " آمين " .
- ثم يقرأ بعد ذلك سورة طويلة تارة وقصيرة تارة ومتوسطة تارة , وكان يطيل قراءة الفجر أكثر من سائر الصلوات , وكان يجهر بالقراءة في الفجر والأوليين من المغرب والعشاء ويسر القراءة فيما سوى ذلك , وكان صلى الله عليه وسلم يطيل الركعة الأولى من كل صلاة على الثانية .
- ثم يرفع يديه كما رفعهما في الاستفتاح , ثم يقول : " الله أكبر " , ويخر راكعا , ويضع يديه على ركبتيه مفرجتي الأصابع , ويمكنهما , ويمد ظهره , ويجعل رأسه حياله , لا يرفعه ولا يخفضه , ويقول : " سبحان ربي العظيم " .
- ثم يرفع رأسه قائلا : " سمع الله لمن حمده " , ويرفع يديه كما يرفعهما عند الركوع .
- فإذا اعتدل قائما ; قال : " ربنا لك الحمد " , وكان يطيل هذا الاعتدال .
- ثم يكبر , ويخر ساجدا , ولا يرفع يديه , فيسجد على جبهته وأنفه ويديه وركبتيه وأطراف قدميه , ويستقبل بأصابع يديه ورجليه القبلة , ويعتدل في سجوده , ويمكن جبهته وأنفه من الأرض , ويعتمد على كفيه , ويرفع مرفقيه , ويجافي عضديه عن جنبيه , ويرفع بطنه عن فخذيه , وفخذيه عن ساقيه , وكان يقول في سجوده : " سبحان ربي الأعلى " .
- ثم يرفع رأسه قائلا : " الله أكبر " , ثم يفرش رجله اليسرى , ويجلسه عليها , وينصب اليمنى , ويضع يديه على فخذيه , ثم يقول : " اللهم اغفر لي , وارحمني , واجبرني , واهدني , وارزقني " .
- ثم يكبر ويسجد , ويصنع في الثانية مثل ما صنع في الأولى .
- ثم يرفع رأسه مكبرا , وينهض على صدور قدميه , معتمدا على ركبتيه وفخذيه .
- فإذا استتم قائما ; أخذ في القراءة , ويصلي الركعة الثانية كالأولى .
- ثم يجلس للتشهد الأول مفترشا كما يجلس بين السجدتين , ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى , ويده اليسرى على فخذه اليسرى , ويضع إبهام يده اليمنى على أصبعه الوسطى كهيئة الحلقة , ويشير بأصبعه السبابة , وينظر إليها , ويقول : " التحيات لله , والصلوات , والطيبات , السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته , السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين , أشهد أن لا إنه إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " , وكان صلى الله عليه وسلم يحفف هذه الجلسة .
- ثم ينهض مكبرا , فيصلي الثالثة والرابعة , ويخففهما عن الأوليين , ويقرأ فيهما بفاتحة الكتاب .
- ثم يجلس في تشهده الأخير متوركا ; يفرش رجله اليسرى , بأن يجعل ظهرها على الأرض , وينصب رجله اليمنى , ويخرجهما عن يمينه , ويجعل أليتيه على الأرض .
- ثم يتشهد التشهد الأخير , وهو التشهد الأول , ويزيد عليه : " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد , كما صليت على آل إبراهيم ; إنك حميد مجيد , وباك على محمد وعلى آل محمد , كما باركت على آل إبراهيم ; إنك حميد مجيد " .
- ويستعيذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال , ويدعو بما ورد من الأدعية في الكتاب والسنة .
- ثم يسلم عن يمينه , فيقول : " السلام عليكم ورحمة الله " , وعن يساره كذلك , يبتدئ السلام متوجها إلى القبلة , وينهيه مع تمام الالتفات .
- فماذا سلم , قال : " استغفر الله ( ثلاثا ) , اللهم إنك أنت السلام , ومنك السلام , تباركت يا ذا الجلال والإكرام " , ثم يذكر الله بما ورد .
أيها المسلم ! هذه جملة مختصرة في صفة الصلاة حسبما ورد في النصوص ; فعليك أن تهتم بصلاتك غاية الاهتمام , وأن تكون صلاتك متفقة حسب الإمكان مع صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ! , فقد قال الله تعالى : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }الأحزاب21ونسأل الله للجميع التوفيق والقبول .
سنن الصلاة
وسنن الصلاة قبل الدخول فيها شيئان: الأذان والإقامة وبعد الدخول فيها مما يسجد لتركه للسهو شيئان: التشهد الأول والقنوت في الصبح وفي الوتر في النصف الثاني من شهر رمضان.
وأما سننها التي لا يسجد لتركها للسهو فكثيرة، منها:
* رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع والرفع منه.
* ووضع اليمين على اليسار تحت الصدر وفوق السرة.
* والتفريق بين القدمين قدر شبر.
* ودعاء التوجه بعد التحرم وهو: وجهت وجهي للذي فطر السمهبهوات والأرض حنيفًا مسلمًا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين.
* والتعوذ ويسن في كل ركعة.
* والإسرار في موضعه والجهر في موضعه، وتخفض المرأة صوتها في حضرة الرجال الأجانب استحبابًا.
* والتأمين عقب الفاتحة.
* وقراءة السورة بعد الفاتحة وتحصل السنة بقراءة ءاية واحدة ولا تسن في الركعة الثالثة من المغرب ولا غيرها ولا في الرابعة من الرباعية.
* والتكبيرات عند الرفع والخفض.
* وقول سمع الله لمن حمده مع ابتداء الرفع من الركوع، وقول ربنا لك الحمد عند الاعتدال.
* والتسبيح في الركوع والسجود.
* وأن يجافي الرجل مرفقيه عن جنبيه ويبعد بطنه عن فخذيه، وأما المرأة فتضم بعضها إلى بعض.
* وجلسة الراحة وهي جلسة خفيفة بعد السجدة الثانية في كل ركعة يقوم عنها بأن لا يعقبها تشهد.
* والافتراش في جميع الجلسات وهو أن يجلس على كعب يسراه ويضع أطراف بطون أصابع اليمنى على الأرض.
* والتورك في الجلسة الأخيرة وهو كالافتراش في كيفيته إلا أنه يخرج يسراه من جهة يمينه ويلصق وركه بالأرض.
* ووضع اليدين على الفخذين في الجلوس يبسط اليسرى ويقبض اليمنى إلا المسبحة فإنه يشير بها عند قوله إلا الله في التشهد إشارة لتوحيد الله.
* والالتفات يمينًا عند التسليمة الأولى ويسارًا عند الثانية.
* والتسليمة الثانية.
صلاة الجماعة في الصلوات الخمس فرض كفاية على:
_ الذكور: فلا تجب على النساء لأن المطلوب منهن المبالغة في الستر.
_ الأحرار: فلا تجب على العبيد لانشغالهم بخدمة أسيادهم.
_ البالغين: فلا تجب على الصبي، ولكن يجب على الوليّ أن يأمر الطفل المميّز بالجمعة والجماعة.
_ العاقلين: فلا تجب على المجنون.
_ المقيمين: فلا تجب على المسافر وهو: من نوى الإقامة في بلد أقلّ من أربعة أيام غير يومي الدخول والخروج.
_ غير المعذورين: فلا تجب على المعذورين بعذر من الأعذار المسقطة لوجوب الجماعة وهي كثيرة.
ويحصل الفرض بإقامتها بحيث يظهر الشعار بأن تقام في البلد الصغيرة بمحلّ وفي الكبيرة في محالّ متعددة بحيث يمكن قاصدها إدراكها بلا مشقة ظاهرة. وءاكد الجماعة جماعة الصبح فالعشاء فالعصر.
وعلى المأموم أن ينوي الاقتداء بخلاف الإمام فتصح صلاته بلا نية الإمامة، إلا في الجمعة والمعادة والمجموعة للمطر.
ويجب على من صلى مقتديًا:
1) أن لا يتقدم على الإمام في الموقف، وذلك باعتبار عقب رِجله إن كان قائمًا، وأليته إن كان قاعدًا، فإن تقدم عليه بطلت صلاته.
2) وأن لا يتقدم على إمامه في تكبيرة الإحرام بل تبطل المقارنة في الإحرام فيجب تأخير جميع تكبيرة المأموم عن تكبيرة الإمام لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما جُعِلَ الإمام ليؤتم به فإذا كبّر فكبّروا" رواه البخاري وأبو داود، والسنة في غير الإحرام أن يكون ابتداء المأموم متأخرًا عن ابتداء الإمام، والأكمل تأخر ابتداء فعله عن جميع حركة الإمام فلا يشرع حتى يصل الإمام إلى حقيقة المنتقل إليه، هذا إن كان يعلم أنه لو فعل ذلك يدركه في المتنقل إليه، أما التأمين فالأفضل فيه المقارنة.
3) وأن لا يتقدم على إمامه بركن فعليّ كالركوع والسجود، وهذا التقدم حرام، كأن يركع والإمام في القيام ثم يرفع رأسه من الركوع والإمام بعد في القيام، أما لو سبق الإمام ببعض الركن لا بكلّه كأن ركع والإمام قائم فانتظره في الركوع إلى أن ركع الإمام فهو مكروه.
4) وأن لا يتقدم عليه بركنين فعليين، وذلك بأن يركع المأموم ويعتدل ويهوي للسجود والإمام واقف، فهذا مبطل للصلاة.
5) وأن لا يتأخر عن إمامه بركنين فعليين بلا عذر، كأن يركع الإمام ويعتدل ويبدأ بالهويّ للسجود والمأموم بعد في القيام، فهذا مبطل للصلاة أيضًا، وكذلك إن تأخر بأكثر من ثلاثة أركان طويلة ولو بعذر، وذلك كأن يركع الإمام ويعتدل ويسجد السجود الأول والثاني ويبدأ بالتشهد أو يقوم لركعة أخرى والمأموم بعد قائم، فهذا أيضًا مبطل للصلاة. ومن العذر بطء قراءته للفاتحة، فلو أنهى قراءتها قبل أن يرفع الإمام من السجود الثاني ركع ولحق الإمام.
أما التقدم على الإمام بالأركان القولية فلا يحرم ولا يبطل الصلاة إلا التقدم بتكبيرة الإحرام فيبطل كما مرّ، وكذلك السلام إلا أن ينوي المفارقة فيسلم قبله فلا تبطل صلاته.
6) وأن يعلم بانتقالات إمامه، وذلك برؤية الإمام أو رؤية من يراه أو سماع صوته أو صوت المبلّغ.
7) ويشترط أن لا تزيد المسافة بين الإمام والمأموم على ثلاثمائة ذراع إلا إن كانا في مسجدٍ وكان المأموم عالمًا بصلاة الإمام.
وعدم وجود حائل بين الإمام والمأموم يمنع المرور إلى الإمام أو رؤيته أو رؤية من خلفه، كجدار أو باب مغلق أو مردود.
9) وتوافق نظم صلاة الإمام والمأموم، بأن يتفقا في الأفعال الظاهرة وإن اختلفا عددًا ونيةً كالظهر مع العصر أو المغرب مع العشاء فإنها تصحّ، أما إن اختلفا في النظم كصلاة العشاء مع صلاة الجنازة فإنها لا تصحّ.
10) وأن لا يخالف الإمام في سنة تفحش المخالفة فيها، كأن ترك الإمام التشهد الأول وفعله المأموم فإن صلاة المأموم تبطل إن كان عالمًا بالحكم وتعمّد ذلك، ولو لحقه عن قرب لترك المتابعة المفروضة، أما لو فعل الإمام التشهد الأول وتركه المأموم عمدًا لم تبطل صلاته.
> ولا تصح قدوة الذكر ولو صبيًّا بأنثى، ولا قدوة قارىء بأميٍّ، والأميّ هنا من لا يحسن الفاتحة بأن كان يخلُّ ببعض حروفها مثلًا فيقرأ السين ثاء أو الراء لامًا، والقارىء هو الذي يحسنها.
> ويجوز أن يأتمّ الحرّ بالعبد وإن كان الأولى بالإمامة الحرّ، والبالغ بالمراهق وإن كان البالغ أولى، والأحق بالإمامية من كان أقرأ مع صحة الصلاة والتقوى.
ما يكره في الصلاة
يكره في الصلاة الالتفات بوجهه وصدره ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم :) وهو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد( رواه البخاري ; إلا أن يكون ذلك لحاجة ; فلا بأس به ; كما في حالة الخوف , أو كان لغرض صحيح
. فإن استدار بجميع بدنه , أو استدبر الكعبة في غير حالة الخوف ; بطلت صلاته ; لتركه الاستقبال بلا عذر .
فتبين بهذا أن الالتفات في الصلاة في حالة الخوف لا بأس به ; لأن ذلك من ضروريات القتال , وإن كان في غير حالة الخوف , فإن كان بالوجه والصدر فقط دون بقية البدن , فإن كان لحاجة ; فلا بأس , وإن كان لغير حاجة ; فهو مكروه , وإن كان بجميع البدن ; بطلت صلاته .
ويكره في الصلاة رفع بصره إلى السماء , فقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على من يفعل ذلك ; فقال :) ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم ؟ !( واشتد قوله في ذلك , حتى قال :( لينتهن أو لتخطفن أبصارهم (رواه البخاري .
وقد سبق أنه ينبغي أن يكون نظر المصلي إلى موضع سجوده ; فلا ينبغي له أن يسرح بصره فيما أمامه من الجدران والنقوش والكتابات ونحو ذلك ; لأن ذلك يشغله عن صلاته .
ويكره في الصلاة تغميض عينيه لغير حاجة ; لأن ذلك من فعل اليهود , لأن كان التغميض لحاجة , كأن يكون أمامه ما يشوش عليه صلاته ; كالزخارف والتزويق ; فلا يكره إغماض عينيه عنه , هذا معنى ما ذكره ابن القيم رحمه الله .
ويكره في الصلاة إقعاؤه في الجلوس , وهو أن يفرش قدميه ويجلس على عقبيه ; لقوله صلى الله عليه وسلم :) إذا رفعت رأسك من السجود ; فلا تقع كما يقعي الكلب( رواه ابن ماجه , وما جاء بمعناه من الأحاديث .
ويكره في الصلاة أن يستند إلى جدار ونحوه حال القيام ; إلا من حاجة ; لأنه يزيل مشقة القيام , فإن فعله لحاجة - كمرض ونحوه - ; فلا بأس .
ويكره في الصلاة افتراش ذراعيه حال السجود ; بأن يمدهما على الأرض مع إلصاقهما بها , قال صلى الله عليه وسلم :) اعتدلوا في السجود , ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب( متفق عليه , وفي حديث آخر :) ولا يفترش ذراعيه افتراش الكلب(
ويكره في الصلاة العبث - وهو اللعب - وعمل ما لا فائدة فيه بيد أو رجل أو لحية أو ثوب أو غير ذلك , ومنه مسح الأرض من غير حاجة .
ويكره في الصلاة التخصر , وهو وضع اليد على الخاصرة , وهي الشاكلة ما فوق رأس الورك من المستدق , وذلك لأن التخصر فعل الكفار والمتكبرين , وقد نهينا عن التشبه بهم , وقد ثبت في الحديث المتفق عليه النهي عن أن يصلي الرجل متخصرا .
ويكره في الصلاة فرقعة أصابعه وتشبيكها .
ويكره أن يصلي وبين يديه ما يشغله ويلهيه ; لأن ذلك يشغله عن إكمال صلاته .
وتكره الصلاة في مكان فيه تصاوير ; لما فيه من التشبه بعبادة الأصنام , سواء كانت الصورة منصوبة أو غير منصوبة على الصحيح .
ويكره أن يدخل في الصلاة وهو مشوش الفكر بسبب وجود شيء يضايقه ; كاحتباس بول , أو غائط , أو ريح , أو حالة برد أو حر شديدين , أو جوع أو عطش مفرطين ; لأن ذلك يمنع الخشوع.
وكذا يكره دخوله في الصلاة بعد حضور طعام يشتهيه ; لقوله عليه الصلاة والسلام :) لا صلاة بحضرة طعام , ولا هو يدافعه الأخبثان( رواه مسلم . وذلك كله رعاية لحق الله تعالى ليدخل العبد في العبادة بقلب حاضر مقبل على ربه .
ويكره للمصلي أن يخص جبهته بما يسجد عليه ; لأن ذلك من شعار الرافضة ; ففي ذلك الفعل تشبه بهم .
ويكره في الصلاة مسح جبهته وأنفه مما علق بهما من أثر السجود , ولا بأس بمسح ذلك بعد الفراغ من الصلاة .
ويكره في الصلاة العبث بمس لحيته وكف ثوب وتنظيف أنفه ونحو ذلك ; لأن ذلك يشغله عن صلاته .
والمطلوب من المسلم أن يتجه إلى صلاته بكليته , ولا يتشاغل عنها بها ليس منها , يقول الله سبحانه : {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ }البقرة238فالمطلوب إقامة الصلاة بحضور القلب والخشوع , والإتيان بما يشرع لهما , وترك ما ينافيهما أو ينقصهما من الأقوال والأفعال ; لتكون صلاة صحيحة مبرئة لذمة فاعلها , ولتكون صلاة في صورتها وحقيقتها , لا في صورتها فقط وفق الله الجميع لها فيه الخير والسعادة في الدنيا والآخرة .
السنن الراتبة مع الفرائض
اعلموا أيها الأخوان أن السنن الراتبة يتأكد فعلها ويكره تركها , ومن داوم على تركها ; سقطت عدالته عند بعض الأئمة , وأثم بسبب ذلك ; لأن المداومة على تركها تدل على قلة دينه , وعدم مبالاته .وجملة السنن الرواتب عشر ركعات
, وبيانها كالتالي :
- ركعتان قبل الظهر , وعند جمع من العلماء أربع ركعات قبل الظهر ; فعليه تكون جملة السنن الرواتب اثنتي عشرة ركعة .
- وركعتان بعد الظهر .
- وركعتان بعد المعرب .
- وركعتان بعد العشاء .
- وركعتان قبل صلاة الفجر بعد طلوع الفجر .
والدليل على هذه الرواتب بهذا التفصيل المذكور هو حديث:(ابن عمر رضي الله عنهما ; قال : حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات : ركعتين قبل الظهر , وركعتين بعدها , وركعتين بعد المغرب في بيته , وركعتين بعد العشاء في بيته , وركعتين قبل الصبح , كانت ساعة لا يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها أحد , حدثتني حفصة أنه كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر , صلى ركعتين) متفق عليه . وفي " صحيح مسلم " عن( عائشة رضي الله عنها : " كان يصلي قبل الظهر أربعا في بيتي , ثم يخرج فيصلي بالناس , ثم يرجع إلى بيتي فيصلي ركعتين)فيؤخذ من هذا أن فعل الراتبة في البيت أفضل من فعلها في المسجد , وذلك لمصالح تترتب على ذلك ; منها : البعد عن الرياء والإعجاب ولإخفاء العمل عن الناس , ومنها : أن ذلك سبب لتمام الخشوع والإخلاص , ومنها : عمارة البيت بذكر الله والصلاة التي بسببها تنزل الرحمة على أهل البيت ويبتعد عنه الشيطان , وقد قال عليه الصلاة والسلام :( اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم , ولا تجعلوها قبورا)
وآكد هذه الرواتب ركعتا الفجر ; لقول عائشة رضي الله عنها: ( لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد تعاهدا منه على ركعتي الفجر) متفق عليه , وقال صلى الله عليه وسلم : ( ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها )ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ عليهما وعلى الوتر في الحضر والسفر . وأما ما عدا ركعتي الفجر والوتر من الرواتب ; فلم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى راتبة في السفر غير سنة الفجر والوتر .
صلاة المسافر
رُخص للمسافر قصر الصلاة الرباعية وهي الظهر والعصر والعشاء إلى ركعتين بشروط، منها:
1) أن يكون السفر طويلًا بأن تكون مسافته ستة عشر فرسخًا ذهابًا، والفرسخ الواحد ثلاثة أميال والميل الواحد: ستة ءالاف ذراع على قول، وثلاثة ءالاف وخمسمائة على قول ءاخر، وألفان على قول ثالث. فإذا اعتبر الذراع (46،5) سنتم فالمسافة على القول الأول (133،92كلم)، وعلى القول الثاني ( 78،12كلم)، وعلى القول الثالث(44،64كلم). وأما السفر القصير فلا يجوز القصر فيه.
2) وأن لا يكون المسافر عاصيًا بسفره، فالسفر المباح كالسفر للتجارة أو للتنزه، وأما العاصي بسفره كالعبد الآبق والزوجة الهاربة من زوجها والمسافر للتجارة بالخمر أو للزنى بامرأة فلا يجوز له القصر.
3) وأن يكون مؤديًا للصلاة الرباعية، فلا تقصر صلاة المغرب ولا صلاة الصبح. ولا تقصرُ الفائتةُ في الحضر ولو صلاها في السفر.
ويجوز قصر فائتة السفر في السفر كأن تفوته صلاة الظهر بسبب النوم وهو مسافر فإذا قضاها في السفر قضاها قصرًا إن شاء.
4) وأن ينوي القصر مع الإحرام، كأن يقول وهو يكبر: "أصلي فرض الظهر ركعتين" أو: "أصلي فرض العصر ركعتين" أو يقول: "أصلي فرض العشاء قصرًا".
5) أن لا يأتم بمقيم، فالمسافر الذي يريد القصر لا يصح أن يأتّم بمن يتمّ، أي بمن يصلي الصلاة الرباعية من غير قصر.
فوائد:
_ لو كان لمقصده طريقان أحدهما طويل والآخر قصير فسلك الطويل ليبيح له القصر فقط لم يقصر، ويقصر إن كان له في سلوكه غرض ءاخر ولو مع قصد إباحة القصر، كأمن وسهولة وزيارة وعيادة ولو كان الغرض التنزّه فقط.
_ ابتداء السفر يكون بمغادرة سور البلد إن كان له سور، وبمفارقة العمران إن لم يكن له سور.
_ إن كان المسافر بموضع يتوقع الخروج منه يومًا فيومًا إن حصلت حاجته قصر ثمانية عشر يومًا غير يومي الدخول والخروج طالما هو على الحالة المذكورة.
_ إذا دخل المسافر موضعًا ونوى الإقامة فيه أربعة أيام صحاح أي غير يومي الدخول والخروج لم يكن له القصر فيه.
ويجوز لمن سافر سفرًا طويلًا أن يجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما أي تقديمًا أو تأخيرًا وبين المغرب والعشاء تقديمًا أو تأخيرًا.
وإذا جمع في وقت الأولى اشترط ثلاثة شروط:
الأول: تقديمها على الثانية فيصلي الظهر أوَّلا ثم العصر، أو المغرب ثم العشاء.
والثاني: أن ينوي الجمع في الأولى، أي ضمن الصلاة الأولى بقلبه.
والثالث: أن يوالي بينهما، فلا يصح الجمع مع الفصل بين الصلاتين فصلًا طويلًا عُرفًا، ولا يضرّ فصل قصير كالفصل للإقامة للصلاة الثانية ولا تيمم لها.
ويشترط في جمع التأخير أن ينوي في وقت الأولى تأخيرها إلى الثانية بحيث يبقى من وقتها ما يسعها أو أكثر، ولا يشترط الترتيب ولا الموالاة ولا نية الجمع أثناء فعل الصلاة الأولى.
فائدة: يجوز الجمع للمقيم المريض مرضًا فيه مشقة ظاهرة تقديمًا أو تأخيرًا بحسب الأرفق له فإن كان الأرفق له التقديم جاز له، وإن كان الأرفق له التأخير جاز له
صلاة الجمعة
صلاة الجمعة ركعتان وهي فرض عين على كل مسلم بالغ عاقل حرّ ذكر مقيم غير معذور بعذر من أعذار تركها إذا كانوا أربعين مستوطنين. فلا تجب على الكافر الأصلي وجوب مطالبة في الدنيا، ولا تجب على الصبي ولا المجنون ولا العبد ولا الأنثى ولا المسافر وإن كان مسافة سفره دون مسافة القصر، ولا المعذور بعذر من أعذار تركها كالمريض مرضًا يشق معه الذهاب إلى مكان الجمعة.
وتجب على من نوى الإقامة في بلد الجمعة أربعة أيام كوامل، أي غير يومي الدخول والخروج فأكثر، لأنه بذلك ينقطع حكم السفر.
وشرط الجمعة:
1) أن تكون في خطة أبنية أي في مكان معدود من البلد، ولو كانت الأبنية من خشب أو قصب أو سعف (غصون النخل)، فتصح في المسجد وفي الدار وفي الفضاء ضمن البلد، ولا تصح خارج الخطة.
2) وخطبتان قبلها يسمعهما الأربعون، ويشترط أن يكون كل واحد منهم مسلمًا بالغًا عاقلًا حرًّا ذكرًا مستوطنًا.
3) وأن تصلى جماعة بهم أي بالأربعين.
4) ووقت الظهر، فلا تصح قبله ولا بعده.
5) وأن لا تقارنها أخرى ببلد واحد وإن كبرت البلد، أي إذا لم يشق اجتماع أهل البلد، فإذا سبقت إحدى الجمعتين صحت وبطلت التي بعدها، وإذا لم تعلم السابقة بطلتا، وقال بعض أصحاب الشافعي: لا يصح تعدد الجمعة بوجه من الوجوه.
وأركان الخطبتين:
1) حمد الله بلفظ: "الحمد لله" أو: "لله الحمد" أو: "حمدًا لله" أو نحو ذلك.
2_ والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بنحو: "اللّهم صل على محمد" ويكفي: "صلى الله على محمد".
3_ والوصية بالتقوى، بالحثّ على الطاعة والزجر عن المعصية أو أحدهما، ولا يشترط لفظ التقوى فيكفي نحو: "أطيعوا الله".
وهذه الأركان الثلاثة تشترط في كل من الخطبتين.
4_ وءاية مفهمة كاملة في إحداهما، والأفضل أن تكون في الخطبة الأولى في ءاخرها.
5_ والدعاء للمؤمنين الشامل للمؤمنات في الخطبة الثانية، ويسن ذكر المؤمنات، ولا يشترط التعميم بل لو خصّ من حضر أو أربعين منهم كفى.
وشرائط الخطبتين:
1_ الطهارة عن الحدثين الأكبر والأصغر، وعن النجاسة غير المعفوّ عنها في البدن والمكان وما يحمله من ثوب وغيره.
2_ وستر العورة، وهي ما بين السرة والركبة.
3_ والقيام فيهما للقادر، فإن عجز عن القيام خطب قاعدًا.
4_ والجلوس بين الخطبتين، وأقلّ هذا الجلوس قدر الطمأنينة، وأكمله قدر سورة الإخلاص، وتندب قراءتها فيه.
5_ والموالاة بين أركانهما، وبينهما وبين الصلاة.
6_ وأن تكون أركان كلّ منهما بالعربية.
7_ وأن تكونا بعد الزوال.
8_ وسماع الأربعين لأركان الخطبتين.
9_ وتقديم الخطبتين على الصلاة.
ويسن:
1_ الغسل للجمعة ويدخل وقته بالفجر، ويكره تركه.
2_ ولبس الثياب البيض.
3_ والتطيّب.
4_ه وتقليم الأظافر.
5_ه والتبكير بالمشي لها من الفجر.
6_ والإنصات للخطيب، ومعنى الإنصات السكوت مع الاستماع، فإن ترك ذلك كان مكروهًا.
ومن دخل والإمام يخطب يصلي ركعتين خفيفتين ثم يجلس.
سجود التلاوة
يستحب أن يسجد القارىء أو السامع أو المستمع سجود التلاوة بعد قراءة أو سماع ءاية من ءايات السجدة، ما لم يطل الفصل عرفًا، فإن طال الفصل عرفًا فاتت ولم تُقضَ، فإن كان القارىء أو السامع محدِثًا فتطهر عن قرب سجد، وإلا فلا.
وسجدة التلاوة تفتقر إلى شرائط الصلاة كطهارة وستر واستقبال القبلة وترك كلام الناس، وإلى دخول وقتها وهو من قراءة أو سماع ءاية السجدة جميعها.
ولو سجد غير المصلي وجب أن يكبر للإحرام ناويًا السجود، وندب رفع يديه مع التكبير كإحرام الصلاة، ثم يهوي للسجود مكبرًا، ثم يرفع رأسه مكبرًا، ويجلس، ويشترط له السلام، ولا يشترط التشهد، فإن كان في الصلاة كبّر للهُوِيّ وللرفع من السجود ندبًا، ولا يسن لمن قرأ قاعدًا أن يقف ليسجد من القيام.
ويستحب للإمام تأخيرها في السرية إلى الفراغ، لئلا يشوش على المأمومين إذا قصر الفصل.
سجود الشكر
سجدة الشكر تستحب عند هجوم نعمة كحدوث ولد أو مال أو قدوم غائب أو نصر على عدو، وعند اندفاع نِقمة كنجاة من غرق أو حريق، ولا تستحب لاستمرار النعمة واندفاع النقمة. وهي كسجدة التلاوة المفعولة خارج الصلاة شروطًا وكيفية.
فائدة: لا يجوز السجود بلا سبب بنية التقرب إلى الله تعالى، وكذلك لا يجوز السجود لشخص مسلم أو غيره ولو بنية التحية.
صلاة الجنازة
ينبغي الإكثار من ذكر الموت والاستعداد له بالتوبة وردّ المظالم لأهلها، والمريض ءاكد. ويصبر على المرض ويترك الأنين ما أطاق، ويستحب له التداوي، ويسن لغيره عيادته، وينبغي للعائد أن يطيب نفس المريض ولا يطوِّل القعود.
ويجب على الكفاية تجهيز الميت المسلم: بغسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه.
أما الغسل فالواجب فيه تعميم جسده بشره وشعره بالماء المطهر مرة واحدة. وأما الكفن فأقلّه ما يستر جميع بدنه، لكن يستثنى رأس محرم بحج أو عمرة مات قبل التحلّل من الإحرام،فإنه لا يستر رأسه بل يترك مكشوفًا حتى يبعث يوم القيامة بصفته التي مات عليها بهيئة الإحرام ملبيًّا أي قائلًا: "لبيك اللّهم لبيك"، ويستثنى أيضًا وجه المرأة المحرمة. وتكون تلك الثياب من الثياب التي تحلّ له حيًّا وتليق به، فلا يكفّن الرجل بالحرير إنما يكفن بثوب قطن أو ثوب كتان أو نحو ذلك، وأما المرأة والطفل أي الصبي فيجوز تكفينهما بالحرير لأنه كان يجوز لهما في حال حياتهما لبسه، ولا يجوز تكفين الميت المسلم بثوب لا يليق به أي يزري به ويشعر باحتقاره، ولا يجب تكفينه بالجديد، بل يكفي اللبيس والجديد.
ويسن أن يكون الكفن ثلاث لفائف للرجل، وللمرأة قميص وخمار وإزار ولفافتان. أما القميص فهو ما يستر أغلب الجسم، وأما الإزار فهو ما يلبس للنصف الأسفل، وأما الخمار فهو ما تغطي به المراة رأسها، وأما اللفافتان فهما فوق ذلك المذكور من الثلاث.
والأفضل في التكفين البياض القطن ويجب التكفين بالثلاث لمن يكفن من ماله ولا دين عليه مستغرق بأن ترك تركة زائدة على دينه، أو لم يكن عليه دين أصلًا ولو لم يملك سوى هذه الثلاث.
وأما صلاة الجنازة فأقلّها الذي يتأدى به الفرض يحصل بالنية مع التكبير، أي يقول: الله أكبر وينوي في قلبه فيقول: أصلي صلاة الجنازة على هذا الميت إن كان حاضرًا. ويشترط التعيين وهو فرض فلا يكفي نية مطلق الصلاة من دون أن ينوي أنها صلاة الجنازة، ثم يقرأ الفاتحة، ثم يقول: "الله أكبر، اللّهم صلّ على محمد"، ثم يقول: "الله أكبر، اللّهم اغفر له وارحمه"، ثم يقول: "الله أكبر" ويسلم.
لكن يسن بعد التكبيرة الثانية قراءة الصلاة الإبراهيمية بتمامها، وهي: اللّهم صلّ على محمد وعلى ءال محمد كما صليت على إبراهيم وعلى ءال إبراهيم إنك حميد مجيد، اللّهم بارك على محمد وعلى ءال محمد كما باركت على إبراهيم وعلى ءال إبراهيم إنك حميد مجيد. ويسن بعد الثالثة هذا الدعاء: اللّهم هذا عبدك وابن عبديك، خرج من رَوح الدنيا وسعتها ومحبوبه وأحباؤه فيها إلى ظلمة القبر وما هو لاقيه، كان يشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدًا عبدك ورسولك وأنت أعلم به منّا، اللّهم إنّه نزل بك وأنت خير منزول به، وأصبح فقيرًا إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه، وقد جئناك راغبين إليك شفعاء له، اللّهم إن كان محسنًا فزد في إحسانه وإن كان مسيئًا فتجاوز عنه، ولقِّه برحمتك رضاك، وقه فتنة القبر وعذابه وافسح له في قبره وجاف الأرض عن جنبيه، ولقه برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه ءامنا إلى جنتك برحمتك يا أرحم الراحمين.
وأما الدفن فأقلّه حفرة تكتم رائحته بعد الطمّ من أن تظهر وتحرسه من السباع أن تنبشه وتأكله، وإن لم يمنعه إلا البناء أو الصندوق وجب ذلك.
أما أكمله فهو أن يكون القبر واسعًا يسع من ينزله ومعينه، وأن يكون قدر قامة وبسطة وهي أربعة أذرع ونصف بذراع اليد ولو للطفل، ويسن أن يلحد له لحد إن كانت الأرض صلبة وأن يشق له شق في الرخوة. ويحرم الدفن في الفساقيّ، والفسقية وهي المسماة عند الناس خشخاشة.
تنبيهات: من الهيئات المزرية بالميت التي لا تجوز أن يكبَّ الميت على وجهه عند الغسل فذلك حرام، ومن ذلك حمله على الأكتاف من غير نعش ونحوه، إلا أنه يجوز حمل الطفل الصغير على اليد عند الذهاب به إلى الدفن.
وسبحان الله والحمد لله ربّ العالمين
صلاة العيدين
صلاة العيد سنة مؤكدة، وهي ركعتان، ووقتها من طلوع الشمس إلى الزوال، ولكن الأحسن تأخيرها إلى أن ترتفع الشمس قدر رمح، أي بحسب رأي العين.
وتسن الجماعة فيها، وتصح لو صلاها الشخص منفردًا ركعتين كركعتي سنة الصبح. ويسن في أول الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام سبع تكبيرات، وفي الركعة الثانية خمس تكبيرات بعد تكبيرة القيام، ويقول بين كل تكبيرتين: "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر".
ويسن خطبتان بعد الصلاة يكبر الخطيب في الأولى منهما تسع تكبيرات، وفي الثانية سبع تكبيرات.
ويسن التبكير بالخروج لصلاة العيد من بعد صلاة الصبح، إلا الخطيب فيتأخر إلى وقت الصلاة، والمشي أفضل من الركوب، ومن كان له عذر فلا بأس بركوبه، ويسن الغسل ويدخل وقته بمنتصف الليل، والتزيّن بلبس الثياب وغيره، والتطيب وهذا للرجال، أما النساء فيكره لهن الخروج متطيبات ومتزينات.
ويسن التكبير ليلتي العيد إلى الإحرام بصلاتي العيد، وعقب الصلوات المفروضات من صبح يوم التاسع من ذي الحجة (يوم عرفة) إلى العصر من اليوم الثالث عشر منه (ءاخر أيام التشريق).
فائدة: تطوّع الصلاة قسمان: قسم تسن فيه الجماعة كالعيدين والكسوف والخسوف والاستسقاء والتراويح وأفضلها العيدان، وقسم لا تسن فيه الجماعة كرواتب الصلوات الخمس والضحى، وأفضلها الوتر ثم ركعتا الفجر. وتحصل صلاة الوتر بالأوتار إلى إحدى عشرة، وأقلُّه واحدة، وأدنى الكمال ثلاث، فلو أوتر بثلاث موصولة فأكثر وتشهد في الأخيرتين أو في الأخيرة جاز، والوصل بتشهد أفضل من الوصل بتشهدين، والفصل أفضل من الوصل، ووقتها من بعد أن يصلي العشاء إلى الفجر الثاني.
والوتر نفسه تهجد إن فعله بعد نوم، فإن فعله قبله كان وترًا لا تهجدًا، ولا تستحب فيه الجماعة إلا تبعًا للتراويح.
وأقلّ الضحى ركعتان، وأدنى الكمال أربع، وأكثره ثمان، يسلم من كل ركعتين ندبًا، ووقتها من ارتفاع الشمس قدر رمح إلى الاستواء
0 التعليقات to الصلاة ....... شروط صحتها ووجوبها ومبطلاتها وأركانها وسننها :
إرسال تعليق